معضلة النقل والمواصلات بجدة هكذا وصفتها وهكذا هي بلا مواربة أو خداع، معضلة معقدة لا حلول واضحة لها في المدى المنظور. هل يعقل أن تستمر الحافلات التي كنت أستخدمها شخصيا قبل ثلاثين عاما في انتقالي من وإلى البلد مرورا بمحطة بافيل حتى الآن!. كنت حينها أحترم العبارة المكتوبة في مؤخرة الحافلات وهي «تحذير توقف متكرر» حيث لم يكن هناك مواقف مخصصة للحافلات أو الركاب، ولكن ما هو العذر لعدم إيجاد هذه المواقف بعد أكثر من ربع قرن وحتى هذه اللحظة. كنا قد وعدنا من أمانة جدة قبل سنتين بحلول دائمة لمشكلة ازدحام الطرق في المدينة بشبكة من الطرق الالتفافية ومترو للأنفاق وكباري معلقة وأمور أخرى حتى خيل إلي وقتها أن مدينتي التي أعرفها جيدا ستنافس مستقبلا لندن ونيويورك أو حتى جارتنا دبي، ولم تكن للأسف إلا فرقعة إعلامية وذر للرمال في العيون. عدد المركبات في جدة في ازدياد مضطرد يوازي الزيادة في عدد السكان ولا تجد أسرة سعودية أو مقيمة إلا ولديهم أكثر من سيارة في البيت، سيارة لرب الأسرة وسيارة للأخ الأكبر وأخرى للابن المدلل ورابعة للسائق، وربما إذا قدر للمرأة أن تقود المركبة لدينا فسوف يكون هناك سيارة للأم والبنت والسائقة وسوف يزيد ذلك بلا شك الطين بلة. لا ريب أن مشاريع الكباري والأنفاق قد ساعدت في معالجة الازدحام في بعض المواقع ولكنها تظل حلولا مؤقتة ولا تعالج المشكلة الأساسية وهي عدم وجود وسائل نقل عامة وحديثة تساعد على تخفيف الضغط على المركبات الخاصة. في بريطانيا على سبيل المثال، تفرض رسوما على استخدام المواقف العامة للسيارات وتفرض ضرائب على الوقود لتشجيع التخلي عن استخدام المركبات الخاصة في التنقل، ولكن لديهم في المقابل شبكة راقية وآمنة من وسائل المواصلات العامة التي تجعل حياة المرء أكثر راحة وتجنبه استخدام أقراص علاج ضغط الدم المرتفع والتوتر العصبي نتيجة الازدحام. يجب أن تفكر أمانة جدة في طرق عملية وسريعة لإبدال الحافلات القديمة بأخرى جديدة تستوعب أعدادا أكبر من الركاب وتأجيرها على السائقين بنظام التملك، بدلا من صرف أموال طائلة لتوسعة الشوارع الرئيسية في المدينة بضع سنتيميترات وهي لم تضع في خطتها الأصلية خدمات أساسية للشوارع مثل مواقف الركاب والحافلات. أما سكان مدينتي الحبيبة فيجب أن نفكر كيف نقلل من زحمة السير بالاقتصاد بعدد السيارات التي تستخدمها الأسر، ونشر ثقافة استخدام المواصلات العامة وأنتم معذورون في ذلك حتى توفر لكم خدمة نقل جيدة وآمنة.
tobagi@hotmail.com
tobagi@hotmail.com